التوابع في اللغة العربية – التوكيد اللفظي والمعنوي
يعرف التوكيد بأنه تثبيت المعنى، ودفع احتمال المجاز عنه، وللتوكيد في اللغة العربية طرق كثيرة، وأدوات متعددة، مثل: القسم، ولام الابتداء، وحروف الجر الزائدة، والحرفان المشبهان بالفعل إن، أن، ونونا التوكيد الثقيلة والخفيفة اللتين تؤكدان الفعل المضارع، وحرف التحقيق قد الذي يؤكد الفعل الماضي، وغيرها.
ولكن الأساليب السابقة لا تعد من التوابع، فهنالك أسلوب توكيد خاص يعتبر من التوابع، وهو أسلوب التوكيد الذي يقسم إلى: التوكيد اللفظي، والتوكيد المعنوي.
التوكيد اللفظي
يقصد به تأكيد المعنى وتقويته وتمكينه في ذهن السامع، وإبعاد الشكوك التي يمكن أن تخالط نفسه، ويكون ذلك بإعادة اللفظ أو إعادة المعنى في لفظ آخر يوافقه، ويكون ذلك بإعادة اللفظ المؤكد نفسه سواء أكان اسما ظاهرا، أو فعلا، أو حرفا، أو ضميرا، أو جملة.
1- توكيد الاسم الظاهر
وذلك بإعادة اللفظ المؤكد ذاته، قال تعالى: كلا إذا دكت الأرض دكا دكا، وجاء ربك والملك صفا صفا الفجر 21،22، فإن تكرار الكلمتين دكا، صفا فيه تقوية لمعنى مجيء الله والملائكة يوم القيامة وتقرير له.
2- توكيد الفعل
وذلك بإعادة لفظ الفعل، قال تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق العلق 1،2 حيث تكرر الفعل خلق من غير فاصل، وذلك لتوكيد المعنى وتقويته.
3- توكيد الحرف
وذلك بإعادة الحرف، وإن كان الحرف متصلا، فيجب إعادته مع مدخوله، مثال: لا لا يبوح بالسر أمين، فقد أعيد حرف الجواب لا لتقوية المعنى وتقريره، وقال تعالى: وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها هود 108، فقد كرر حرف الجر في مع مجروره للتأكيد على سعادة أهل الجنة وخلودهم.
4- توكيد اسم الفعل
أسماء الأفعال تختلف عن الحرف، والاسم، والفعل، ومن ذلك قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون المؤمنون 36، فقد كرر اسم الفعل الماضي هيهات الذي هو بمعنى بعد لتأكيد وتقوية المعنى.
5- توكيد الضمير
تؤكد الضمائر المنفصلة بإعادتها، قال تعالى: وهم بالآخرة هم كافرون هود 19، فقد أعيد ضمير الغائب هم لتأكيد معنى عدم تصديق الكفار بيوم القيامة، أما الضمائر المتصلة والمستترة فتؤكد بضمائر منفصلة أيضا، ومن ذلك قوله تعالى: فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون المائدة 24، فقد أكد الضمير المستتر في الفعل اذهب بالضمير المنفصل أنت لتقوية المعنى وتقريره.
6- توكيد الجملة
وذلك بإعادة الجملة، قال تعالى: كلا سيعلمون، ثم كلا سيعلمون النبأ 4،5، فقد كررت الجملة لتقوية المعنى وتقريره.
التوكيد المعنوي
يعرف ابن هشام التوكيد المعنوي: هو تابع يقرر أمر المتبوع في النسبة أو الشمول، أما ابن عقيل فيعرفه: هو ما يرفع توهم مضاف إلى المؤكد أو توهم عدم إرادة الشمول. تصنف ألفاظ التوكيد المعنوي في أربع مجموعات:
1- نفس وعين
تؤدي هاتان الكلمتان معنى التثبيت والتمكين، وتدفعان المجاز، وتشتركان في الصفات الآتية:
– تستعملان للمفرد حيث يكون لفظهما مفردا، ويجمعان على وزن أفعل مع المثنى والجمع كليهما، مثال: جاء أخوك نفسه أو عينه، جاء أخواك أنفسهما أو أعينهما، جاء إخوتك أنفسهم أو أعينهم.
– يضافان إلى ضمير يطابق المؤكد إفرادا، وتثنية، وجمعا، وتذكيرا: قرأت القصيدة نفسها أو عينها، فضمير النصب الهاء طابق المؤكد القصيدة في الإفراد والتأنيث.
– إذا استخدمت الكلمتين معا في جملة واحدة قدمت كلمة نفس على عين، ولا يصح العكس، يقال: نزل الملائكة أنفسهم أعينهم يقاتلون مع المسلمين يوم بدر، ويمكن أن تردا في اللغة مجرورتين بحرف الجر الباء فتعتبر الباء حرف جر زائد، تقول: إن اليهود هم الخبث بنفسه والحقد بعينه ،فإن إعراب بنفسه: الباء: حرف جر زائد، نفسه: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه توكيد معنوي للمؤكد الخبث ومنع ظهور الحركة حرف الجر الزائد، وكذلك تعرب كلمة بعينه الإعراب نفسه.
2- كلا وكلتا
تستخدم كلا للمثنى المذكر أما كلتا فهي للمثنى المؤنث لذلك تعربان إعراب المثنى، فعلامة رفعهما الألف، وعلامة نصبهما وجرهما الياء، مثال: جاء صديقي كلاهما، فإعراب كلاهما: توكيد معنوي للمؤكد صديقيمرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه ملحق بالمثنى، وهما ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
كما يتصل بهما ضمير مطابق للمؤكد، مثال: أؤمن بالصداقة والأمانة كلتيهما، فإعراب كلتيهما توكيد معنوي منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بالمثنى، والضمير هما ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه، وهو مطابق للمؤكد في التأنيث والتثنية.
3- الألفاظ كل، وجميع، وعامة
تؤدي هذه الألفاظ معنى الإحاطة والشمول لما تؤكده، وتدفع احتمال النقص، وتشترك في أنها تستعمل للمفرد ذي الأجزاء والجمع، ولا تستعمل للمثنى، وتضاف إلى ضمير يطابق المؤكد إفرادا، وجمعا، وتذكيرا، وتأنيثا، قال الشاعر:
مهلا فداء لك الأقوام كلهم وما أثمر من مال ومن ولد
إن إعراب كلمة كلهم: توكيد معنوي مرفوع، و الهاء: ضمير نصب متصل مبني في محل جر مضاف إليه، وهو مطابق للمؤكد الأقوام في التذكير والجمع.
4- الألفاظ أجمع، جمعاء، أجمعون، جمع
تستعمل لتوكيد المفرد والجمع، ولا تستعمل للتثنية، ولا تتصل بضمير يعود على المؤكد، بل تكتفي بصيغها المفردة والمجموعة، وتستعمل لزيادة التوكيد لذلك، وتستخدم هذه الألفاظ بعد كل زيادة في التوكيد، وتعرب أجمعون إعراب ملحق جمع المذكر السالم.
قال تعالى: فسجد الملائكة كلهم أجمعون الحجر 30، ويمكن ألا تسبق بكل، كقوله تعالى: فبعزتك لأغوينهم أجمعين البقرة 82، فإعراب أجمعون: توكيد معنوي للمؤكد الملائكة مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وإعراب كلمة أجمعين توكيد معنوي للمؤكد هاء ضمير النصب الذي يعود على الكافرين مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، ولم يسبق ب كل.
تابعنا للمزيد من الاخبار عبر الواتساب
دليلك الشامل لأحدث الأخبار
0 تعليق
إرسال تعليق