الإعراب في اللغة العربية – أغراضه، ما الفرق بينه وبين النحو؟
يعرف الإعراب لغة الإبانة والتوضيح، فتقول: أعرب الرجل عن حاجته أي أبان عنها، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثيب تعرب عن نفسها أي تبين وتوضح. ويعرف الإعراب في النحو بأنه التغيير الذي يلحق أواخر الكلمات العربية من رفع، ونصب، وجر، وجزم، وجاء في شرح الرضي على الكافية: الإعراب ما اختلف آخره، ليدل على المعاني المعتورة عليه، أي لبيان سبب وضع الإعراب في الأسماء.
ظاهرة الإعراب في اللغات السامية القديمة
يعتبر الإعراب من الظواهر التي كانت موجودة في اللغات السامية القديمة كالحبشية، والعربية، والأكادية، والآرامية، والآشورية، حيث إن تلك اللغات كانت كلها معربة، فقد ظهر الإعراب بشكل كامل في النصوص الأكادية التي تشمل البابلية والآشورية، ومثال ذلك: قانون حامورابي المكتوب باللغة البابلية، وهو معرب بشكل كامل، ولم يكن مقتصرا على علامات الإعراب الأصلية المعروفة الضمة، الفتحة، الكسرة، السكون، بل أيضا علامات الإعراب الفرعية أي علامة رفع المثنى الألف، وعلامة نصبه وجره الياء، وعلامة رفع جمع المذكر السالم الواو، وعلامة نصبه وجره الياء.
وقد وجد الإعراب بحركاته الثلاث الضمة، والفتحة، والكسرة في اللغة الأكادية ثم أصبحت بعد ذلك حركتين الضمة في حالة الرفع، والفتحة في حالتي النصب، والجر، ثم أصبحت حركة واحدة، وهي الكسرة الممالة. كما عرف الأنباط علامات الإعراب أيضا بحركاته الثلاث، ولكنهم لم يعرفوا التنوين، ولكن هذه الظاهرة اضمحلت شيئا فشيئا حتى الزوال، وفقدت النهايات الإعرابية. أما العربية فقد ورثت الإعراب عن اللغات السامية الأم، وحافظت على الحركات الإعرابية التي تلحق آخر الكلمات على عكس اللغات السامية التي فقدت هذه الحركات.
ما هي أغراض الإعراب؟
1-الإبانة عن المعاني وتوضيحها
يعد الإعراب وسيلة هامة لفهم المعاني، فلولا الإعراب لحدث التباس وخلط بين المعاني، وتعذر معرفة المراد منها لدى المخاطب، ومن ذلك قوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء فاطر 28، فلولا حركة الفتحة على لفظ الجلالة الله، والضمة على كلمة العلماء لالتبس علينا المعنى المراد، وهو خشية العلماء من الله عز وجل بسبب تقدم الله لفظ الجلالة المفعول به المقدم على العلماء الفاعل المؤخر.
2- السعة في التعبير
من خلال التجديد والتأخير الذي يمنح الجملة سعة في التعبير حيث يمكن صياغة الجملة في عدة صور مع بقاء المعنى واحدا، ولا يؤثر التجديد والتأخير على علامة إعراب الكلمة، لأنها تحافظ على مركزها الإعرابي، ومثال ذلك: أكرم الناس أحمد، وأكرم الناس أحمد، أكرم الناس أحمد، أكرم الناس أحمد، فكل المعاني السابقة تدل على معنى واحد، وهو كرم أحمد، على عكس اللغات الأخرى التي تحمل فيها الجملة معنى واحدا، حيث يقابل هذه الجملة في اللغة الإنكليزية The most generous people are Ahmed، فلا يمكن صياغة الجملة بصور أخرى.
3- الدقة في المعنى
الإعراب يمنح اللغة غنى ودقة في التعبير عن المعاني حيث يستطيع المتكلم التعبير عن المعاني التي يرمي إليها بدقة، ولكن يمكن التعبير بعدة صور تعطي معان متعددة مع بقاء المعنى العام، وأمثلة ذلك:
أ- أعطى زيد خالدا قصة، فالجملة فعلية، وهنا إخبار بما لا يعلم عنه المخاطب شيئا، فالمخاطب خالي الذهن عن الموضوع. زيد أعطى خالدا قصة، فالمخاطب يعلم أن شخصا قد أعطى زيدا قصة، ولكنه لا يعلم المعطي أو يظن أنه غير زيد، فالجملة اسمية حيث تقدم المسند إليه زيد لإزالة الوهم من ذهنه.
ب- خالدا أعطى زيد قصة، المخاطب يعلم أن زيدا أعطى قصة لشخص ما، ولكنه يجهله، أو يظنه غير خالد، فتقدم المفعول به خالد لإزالة هذا الوهم من ذهنه.
ت- قصة أعطى زيد خالدا، المخاطب يعلم أن زيدا أعطى خالدا شيئا، ولكنه لا يعلم هذا الشيء أو يظنه شيئا آخر، فتقدم المفعول به قصة لإزالة هذا الوهم.
ث- قصة خالدا أعطى زيد: المخاطب لا يعلم الشيء الذي أعطي، ولا الشخص، ويظن أنهما غير المذكورين، فتقدم المفعولين قصة، خالد لإزالة هذا الوهم.
ما الفرق بين الإعراب والنحو؟
يحدث أحيانا خلط ما بين مصطلحي الإعراب والنحو، لذلك لا بد من التفريق بينهما، فالنحو لغة يعني القصد، أما اصطلاحا، فهو علم بأصول يعرف من خلالها أحوال أواخر الكلمات إعرابا وبناء، وبالتالي إن موضوع علم النحو هو الكلمات العربية من حيث البناء والإعراب، وأول العلماء الذين وضعوا علم النحو أبو الأسود الدؤلي عندما بدأت ظاهرة اللحن تتفشى على ألسنة العرب لضبط اللسان العربي، والحفاظ على اللغة العربية من الضياع، ولعلم النحو نوعان:
1- النوع ظاهر: القاعدة النحوية، مثل: الحال منصوب.
2- النوع الباطن: هو بيان سبب القاعدة، مثل: لم صار الحال منصوبا.
فالنحو هو القياس والضابط لقواعد اللغة العربية يحافظ عليها، أما الإعراب، فهو تغيير أواخر الكلمات وفق القواعد النحوية، مثال ذلك: زار خالد محمدا، فإن كلمة خالد هي فاعل مرفوع، ومحمد هي مفعول به منصوب، وعندما نقول: زار محمد خالدا، فقد أصبحت كلمة محمد فاعلا مرفوعا بالضمة، وخالد مفعول به منصوب بالفتحة.
فإن الحركات الإعرابية قد تغيرت، وهذا هو الإعراب، أما النحو، فهو القواعد التي أدت إلى تغير الحركات الفاعل مرفوع بالضمة، والمفعول به منصوب بالفتحة. لذلك يعتبر الإعراب عنصرا من عناصر النحو، فلو كان الإعراب هو النحو لكانت اللغات الأجنبية غير المعربة خالية من قواعد النحو.
تابعنا للمزيد من الاخبار عبر الواتساب
دليلك الشامل لأحدث الأخبار
0 تعليق
إرسال تعليق