التعريب في اللغة العربية – كيفية ظهوره، أنواعه وطرقه عند العرب
كثيرة هي الألفاظ التي نستخدمها على أنها عربية، ولكنها ألفاظ أعجمية نقلت إلى اللغة العربية عن طريق التعريب الذي يعد من الخصائص الهامة للغة العربية، وهي ظاهرة هامة تلتقي فيها اللغات حيث تنتقل الألفاظ من اللغة الأجنبية إلى العربية مع التغيير فيها أو عدم التغيير، وللغة العربية قدرة فائقة على تعريب الكلمات الأجنبية من خلال تهذيبها وفقا للأوزان العربية، وقد عرف السيوطي الألفاظ المعربة:
أنه ما استعمله العرب من الألفاظ الموضوعة لمعان في غير لغتها، ويعرف الجوهري تعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها، تقول: عربته العرب وأعربته.
كيف ظهر التعريب في اللغة العربية؟
ظهر التعريب في اللغة العربية من خلال انتقال الكلمات الأجنبية إلى اللغة العربية بطريقتين:
1- المعاملات التجارية بين الشعوب العربية والأعاجم، الأمر الذي أدى إلى الاختلاط بين العرب والعجم، فتأثروا بعاداتهم، وتقاليدهم، ولغاتهم.
2- الاهتمام بالترجمة في عصور الإسلام، وخاصة فترة الحكم العباسي حيث قام المترجمون بترجمة الكتب العلمية وغيرها إلى اللغة العربية الأمر الذي أكسبها صفة المعاصرة، وأصبحت لغة العلم والمعرفة التي استعملها العلماء والمؤلفون في البلاد التي تمتد من الأندلس غربا حتى الصين شرقا.
ما أنواع اللفظ المعرب؟
الألفاظ التي عربها العرب من اللغات الأخرى، ولا سيما الفارسية، والرومية، والحبشية، وغيرها من اللغات الأخرى لها نوعان:
1- أسماء الأجناس
هي أسماء تطلق على جميع أفراد الجنس الواحد، ولا يختص به واحد دون غيره، ومن أسماء الجنس المعربة الفرند، القسطاس، الإستبرق، ومعنى هذه الأسماء السيف، الميزان، الديباج الغليظ، وهي ليست ممنوعة من الصرف أي منع الاسم من التنوين، والكسرة.
2- أسماء العلم
هي الأسماء التي بقيت كما كانت في لغتهم، ولكن العرب قربوها من ألفاظهم أو ألحقوها بأبنيتهم، وهي ممنوعة من الصرف، وإن جميع أسماء الأنبياء التي وردت في القرآن الكريم أعجمية مثل: إبراهيم، إسماعيل، إسحاق، ويعقوب.. ما عدا خمسة أنبياء من العرب أسماؤهم عربية، وهم: آدم، محمد، صالح، إسماعيل، هود.
ما هي طرق العرب في التعريب؟
كان العرب يعربون الكلمات عن طريق صياغتها على أوزانهم المعروفة، أو إبدال الحروف التي ليست من حروفهم إلى حروف عربية قريبة لها في مخارجها، أو إبدال حرف مكان حرف، أو تسكين الحرف المتحرك، أو تحريك الحرف الساكن، أو ترك الحرف على حاله دون تغيير، وتقسم الألفاظ التي دخلت إلى اللغة العربية إلى ثلاثة أقسام:
1- اللفظ الذي ليس له مرادف عربي: هذه الألفاظ استعملها العرب للأشياء التي لم تكن معروفة في بيئتهم، مثل: الديباج، الدرياق، وينظر في المعاجم للبحث عن لفظ مساو لهم في المعنى.
2- ما له مرادف عربي مشابه له في السهولة والجرس: مثل: البطيخ، الخربز.
3- ماله مرادف عربي، ولكنه لا يساويه في السهولة، والجرس، والاستعمال: وهي أكثر استعمالا من مرادفها العربي، مثل: كلمة التوت.
ما الفرق بين اللفظ المعرب والدخيل؟
يعرف مفهوم اللفظ الدخيل أنه ما نقل إلى لغة العرب سواء جرت عليه أحكام التعريب، أو لم تجر عليه، أو كان في عصر الاستشهاد، أو بعده، مثل: أريكة: يوناني أي الفراش الوثير، إبريق: فارسي أي يصب الماء، أوضة: تركي أي غرفة وحجرة، إسطبل: لاتيني أي مأوى الخيل. بذلك يكون الدخيل شاملا للمعرب لذلك يطلق على اللفظ المعرب اصطلاح الدخيل عندما تبقى الكلمة على وزنها الصرفي الغريب أو دخلت في مرحلة متأخرة من العصور التي كان فيها العرب الخلص الذين يحتج بلسانهم.
هل يشتق اللفظ الأعجمي من اللفظ العربي؟
يمنع اشتقاق اللفظ الأعجمي من العربي وبالعكس، وذلك لأن اللغات لا تشتق الواحدة من الأخرى، وإنما يحدث الاشتقاق في اللغة الواحدة فقط حتى ولو صادف أن يكون لفظ أعجمي له جذر لغوي، فلا يعتبر أنه اشتق منه، مثال: لفظ إسحق ليس مشتقا من الجذر اللغوي سحق. يقول في ذلك أبو بكر محمد بين السري في رسالته في الاشتقاق: ومن اشتق العجمي المعرب من العربي كان كمن ادعى أن الطير من الحوت.
ما هي آراء العلماء في مسألة وجود الألفاظ المعربة في القرآن الكريم؟
اختلف العلماء في وجود الألفاظ المعربة في القرآن الكريم ما بين فريق مؤيد وفريق معارض، أو فريق يجمع بين الرأيين، وسنعرض هنا آراء الفرق الثلاثة، وهي:
1- الرأي الأول
أقر بوجود اللفظ المعرب في القرآن الكريم، ومن أنصاره بعض الصحابة والتابعين مثل: ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومن علماء اللغة ابن قتيبة، والثعالبي، والسيوطي، وابن دريد، وابن عطية، ويرى هؤلاء أن القرآن الكريم قد أنزل إلى جميع الناس، فلا بد أن يكون فيه من لسان كل قوم، ومن الألفاظ الأعجمية التي اشتمل عليها القرآن الكريم سندس، إستبرق، سجيل، المشكاة، أباريق، اليم، وغيرها.
2- الرأي الثاني
رأى أصحاب هذا الرأي بعدم وجود الألفاظ المعربة في القرآن الكريم، ومن أنصاره الإمام الشافعي، ابن جرير، الطبري، أبو عبيدة، وغيرهم من علماء اللغة والتفسير، واحتجوا بالقرآن الكريم، وأنه نزل بلسان عربي، قال تعالى: إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون يوسف 2.
3- الرأي الثالث
جمع بين المؤيد والمعارض، ورأوا أن الألفاظ في القرآن الكريم هي أعجمية في الأصل، ولكنها عربت لاستعمال العرب لها، ومن أصحاب هذا الرأي ابن الجوزي، ابن قدامة، الجواليقي، أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي.
تابعنا للمزيد من الاخبار عبر الواتساب
دليلك الشامل لأحدث الأخبار
0 تعليق
إرسال تعليق